المواقف المشهودة
حفلت السيرة النبوية بمواقف مشهودة عظيمة، ومواطن بذل فاضلة، لذا كان علماء السير حين يترجمون لأحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون هذه المشاهد التي شهدها -رضي الله عنه-.
وما كان لشباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم السباقون إلى الخير أن يدعو هذه الصفحات الناصعة خالية من منجزاتهم ومشاركاتهم، ومن هنا فإنك حين تضع أمامك قائمة بهذه المواقف فلن تعدم أن تجد أسماء هؤلاء في كل موطن وموقف ، ومن هذه المواطن:- 1- بيعة العقبة الثانية التي قال عنها كعب بن مالك -رضي الله عنه-:«ولقد شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها»(رواه البخاري ومسلم). فممن شهد العقبة من شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وكان عمره حينها دون العشرين، وأبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري وعمره عشرون عاماً، وسلمة بن سلامة بن وقش، و معاذ ابن عفراء كلاهما شهدا العقبتين، وجابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام، وأبو مسعود البدري. 2 - وفي غزوة بدر أول مواجهة بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش، وسماها تبارك وتعالى ((يوم الفرقان يوم التقى الجمعان)) وسارت بفضائلها الركبان وقال صلى الله عليه وسلم عمن شهدها:«لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم»(رواه البخاري ومسلم). وكان ممن شهد بدراً من شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو اليسر، ومعاذ بن جبل، ومعاذ ومعوذ، وعمير بن أبي وقاص واستشهد فيها، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن خولة، ومعتب بن عوف، و معمر بن حبيب، وطليب بن عمير بن وهب، ومسطح بن أثاثة، وسنان بن أبي سنان، وكعب بن عمرو الأنصاري. 3 - ومنها بيعة الرضوان التي قال تبارك وتعالى عن أصحابها((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً))، وقال فيها صلى الله عليه وسلم لهم :«أنتم خير أهل الأرض» قال جابر: وكنا ألفا وأربع مائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها» قالت: بلى يا رسول الله فانتهرها، فقالت حفصة: ((وإن منكم إلا واردها)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«قد قال الله عز وجل ((ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا))». وكان ممن شهد هذه البيعة من الشباب عبدالله بن عمر، وسلمة بن الأكوع، وابن أبي حدرد، والبراء بن عازب، وعبدالله بن أبي أوفى، وعبدالله بن يزيد الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، ورافع بن خديج، وزيد بن خالد الجهني. بل كان أول من بايع في هذه البيعة سنان بن أبي سنان -رضي الله عنه- وعمره إحدى وعشرون سنة. وهاهو سلمة -رضي الله عنه- يبايع النبي صلى الله عليه وسلم -إذ طلب منه ذلك- ثلاث مرات فيحدث عن نفسه : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشجرة، قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس قال:«بايع يا سلمة» قال قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس، قال:«وأيضاً» قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلاً يعني ليس معه سلاح، قال: فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال:«ألا تبايعني يا سلمة؟» قال قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس، قال:«وأيضاً»، قال: فبايعته الثالثة، ثم قال لي:«يا سلمة، أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟» قال قلت: يا رسول الله، لقيني عمي عامر عزلاً فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي».